يبدو ان المستنقعات الاجمل في العالم (الاهوار) سيذبل وجهها من جديد في ظل الجفاف المبكر الذي سيضربها نتيجة شحة المياه واقتراب المياه التي خلفتها الامطار الغزيرة السابقة على الانتهاء.
وتأتي المياه إلى الأهوار من نهري دجلة والفرات، اللذين يوفران بيئة طبيعية للأسماك والطيور والحيوانات، وتعد الأهوار نقطة استراحة وتوقف لآلاف الطيور المهاجرة بين سيبيريا وإفريقيا، فضلا عن مناظرها وطبيعتها الخلابة، التي تجعلها من أبرز المناطق السياحية العراقية.
ويحذر الخبراء البيئيون من أن الخطر الذي يعصف بالأهوار حاليا، لا يقتصر فقط على تدمير واحدة من أبرز معالم العراق الطبيعية الموغلة بالقدم، والإخلال بالتوازن البيئي لمناطق عراقية شاسعة، بل يمتد ليشمل حدوث هجرات جماعية لسكان مناطق الأهوار نحو مدن ومناطق عراقية أخرى، مما يقود لإندثار مجتمع الأهوار من جهة.
ويتسبب الأمر بضغوط كبيرة ديمغرافيا واقتصاديا وخدميا على المدن والبلدات والقرى، التي يقصدها سكان الأهوار، إذ يعتمدون غالبا على مياه الأهوار لرعي وسقي جواميسهم وصيد السمك والزراعة وخاصة زراعة الأرز .
كما ان اهالي الاهوار، تتوجه انظارهم الى اللقاء الذي سيعقده رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع الرئيس التركي رجب طيب اوردوغان في بغداد للتفاهم حول المياه واعادة المياه الى الاهوار من جديد.
وقال محمد صليخ من سكنة الاهوار لـ /انسايد نيوز/، ان “الموارد المائية قامت بوضع حلول تنسجم مع كمية المياه القليلة التي خلقتها الامطار”.
واضاف، ان “الوزارة حصرت المياه في اماكن يمكن ان تدخل فيها القوارب، لكن لا تستطيع ان تسبح بها الجواميس”.
يشار الى ان اهالي الاهوار يعولون كثيرا على الثروة الحيوانية التي يملكونها المتمثلة بالجواميس التي هي مصدر رزقهم.
في تطور لافت، عادت الحياة إلى الأهوار- على الأقل في الموسم الحالي – بفعل غزارة الأمطار التي سقطت مؤخرا على العراق، وشكّلت هذه الأمطار شريان الحياة للأهوار التي عانت من الشح والجفاف في السنوات الماضية.
وقد ادرجتها اليونسكو عام 2016 ضمن لائحة التراث العالمي، ويعني إدراج أي موقع في لائحة التراث العالمي أنه أصبح في قائمة المواقع المهمة والتي لا مثيل لها.
وقالت اليونسكو عن ادراج الأهوار، بانها تعتبر ملاذا لتنوع بيولوجي وموقع تاريخي وحضاري بامتياز.
وأسهمت موجة الامطار التي هطلت في زيادة نسب الاغمار لمساحات واسعة في مناطق الاهوار جنوبي محافظة ذي قار، الا انها لا تكفي لادامة الحياة فيها .
وقال الناشط البيئي عباس عبد الرضا، ان “معظم مناطق الأهوار شهدت مستويات جيدة بنسب الاغمار، جرّاء الأمطار الأخيرة التي شهدتها معظم المحافظات العراقي”.
وأضاف ان، “الامطار والسيول الأخيرة أسهمت بشكل كبير بتحسين نوعية المياه وعودة التنوع الاحيائي”.
وأشار الى ان” اهوار الجبايش جنوبي محافظة ذي قار، شهدت تدفقا كبيرا بأعداد السائحين الأجانب والمحليين بفضل عودة الحياة الى معظم اجزائها التي شهدت جفافا كليا خلال فصل الصيف الماضي”.
وتسعى وزارة الموارد المائية، الى تنفيذ خطط لمواجهة شح المياه الذي استمر لأعوام، وضمنها الاعمال الخاصة بتعميق وتطهير مسالك الأهوار في ذي قار.
وقال وزير الموارد المائية عون ذياب عبد الله في حوار أن “أهم الإجراءات التي اتخذتها وزارته هو توجيه مياه الأمطار والسيول إلى الأهوار لانعاشها بسبب الشح والجفاف الذي أصاب الكثير من مساحاتها والانحسار الذي ضرب الكثير من مناطقها المغمورة سابقاً لاسيما ضمن هور الحويزة الذي تسكنه آلاف العوائل، منوهاً بانه تم في هذا السياق تنظيف مجاري المغذيات ضماناً لانسيابية الحصص الواصلة لها”.
ويعد العراق خامس الدول الأكثر تضررا من التغيرات المناخية العالمية وفق وزارة البيئة العراقية.
وعليه فان الاهوار لن تعود من جديد الا بضمان حصة العراق المائية التي يمكن ان تخرج من غرفة الحوار التي ستجمع السوداني مع اوردوغان.
()