يثير التصاعد في هجمات داعش الارهابي في العراق هذا الأسبوع الكثير من التحذيرات والقلق من عودة نشاط التنظيم الارهابي الذي فقد الكثير من قوته خلال السنوات الماضية، لكنه لا يزال يمتلك خلايا نائمة قادرة على إلحاق الأذى بالمدنيين والعسكريين على حد سواء، وفقا لخبراء.
وشهدت محافظة صلاح الدين، الاثنين الماضي، هجوما وصف بأنه الأكبر منذ عام بعدما هاجم ارهابيون من داعش ثكنة عسكرية في منطقة مطيبيجة الواقعة بين الحدود الادارية بين محافظتي صلاح الدين وديالى أسفر عن استشهاد ضابط برتبة عقيد ركن وعدد من أفراد الجنود.
وقالت وزارة الدفاع في بيان ورد لوكالة “انسايد نيوز “إن الضابط وهو آمر فوج استشهد مع “عدد من مقاتلي الفوج” أثناء “تصديهم لتعرض إرهابي ضمن قاطع المسؤولية”.
وبعدها بيومين استشهد جندي عراقي وأصيب اثنان آخران في هجوم يحمل بصمات داعش على موقع للجيش بالقرب من مدينة كركوك، بحسب ما نقلت رويترز عن مصدرين أمنيين.
وإثر ذلك شرعت قوات الأمن بتنفيذ عملية عسكرية واسعة لملاحقة المنفذين شملت ثلاث محاور، وفقا ما أفاد به مصدر في شرطة محافظة صلاح الدين.
وعلى الرغم من إعلان السلطات العراقية تحقيق النصر على داعش في عام 2017 وطرده من المناطق التي سيطر عليها في عام 2014، لكن فلوله ما زالوا قادرين على شن هجمات ونصب كمائن انطلاقا من قواعد لهم في مناطق نائية واقع في مثلث يمتد بين ثلاث محافظات هي كركوك وصلاح الدين وديالى.
ويقول الخبير الأمني والاستراتيجي مخلد حازم إن “ما جرى في مطيبيجة يعتبر بالعرف العسكري خرقا أمنيا كبيرا لأنه تسبب بمقتل آمر لواء برتبة عقيد ركن وهو هدف نوعي”.
ويضيف حازم، أن “داعش نفذ العملية بعد القيام باستطلاع المنطقة ونصب مفخخات من دون علم الجهة الماسكة للأرض، وهذا خلل واضح”.
ويرى حازم أن “هناك خللا أمنيا في هذه المنطقة.. في علوم الحرب الأهم من النصر هو كيفية المحافظة عليه والأهم من التحرير هو كيف تنجز عمليات التطهير على الأرض”.
وفي تقرير نشر في يناير كانون الثاني الفائت، قالت الأمم المتحدة إن تقديراتها تفيد بأنّ داعش الارهابي لا يزال لديه “ما بين 3000 و5000 مقاتل” في العراق وسوريا.
ويشير الخبير المختص في شؤون الجماعات الراديكالية حسن أبو هنية إلى أن داعش ومنذ خسارته في الباغوز في سوريا في 2019 وقبلها بعامين في العراق لم يعد يمتلك أي سيطرة مكانية، لكنه عاد للعمل كمنظمة كما كان يعمل في السابق بطريقة لا مركزية”.
ويضيف أبو هنية أن داعش “يحافظ على نسق ثابت من العمليات، لكنه لم يشن هجمات كبيرة وبالتالي يعتمد على بعض المفارز في عمليات متفرقة هنا وهناك”.
ويبين أبو هنية أن داعش استغل “التوترات التي حصلت نتيجة الصراع في غزة والهجمات على القواعد الأمريكية في العراق من قبل فصائل مسلحة مما أثر على التنسيق بين قوات التحالف الدولي والقوات العراقية”.
ويؤكد أبو هنية أن هذا الأمر “منح داعش راحة أكبر لتنفيذ عملياته سواء في سوريا من خلال شن عمليات ضد قوات النظام وعناصر قسد وكذلك في العراق”.
ويتابع أن داعش شن مؤخرا “عمليات أكثر جرأة ومن المتوقع أن يبدأ بالظهور من جديد، وربما نشهد عمليات أوسع في العراق كما يحصل حاليا في سوريا”.
ومؤخرا قالت السفيرة الأمريكية لدى بغداد، ألينا رومانوفسكي إن “داعش لا يزال يشكل تهديدا في العراق”، مضيفة أن “عمل التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة مع العراق لهزيمة داعش بشكل كامل، لم ينته بعد”.
وتتطلع بغداد الآن إلى انسحاب التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، والذي ساعد في هزيمة داعش، واقتصار دوره في العراق على تقديم المشورة، قائلة إن قوات الأمن المحلية يمكنها مواجهة التهديدات بنفسها.
وكان مسؤولون عراقيون كبار، ومنهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قد قالوا مرارا إن داعش لم يعد يشكل تهديدا في العراق ولم تعد هناك حاجة للتحالف، حتى مع استمرار أعضاء داعش في تنفيذ هجمات في أماكن أخرى.
لكن أبو هنية يرى أن الحديث عن خروج قوات التحالف من العراق “خطوة غير محسوبة وليست دقيقة”.
ويبين أبو هنية أن “الجميع يعلم أن داعش وصل لأسوأ مراحل قوته قبيل انسحاب القوات الأمريكية من العراق في عام 2011، وبمجرد خروج تلك القوات من البلاد سرعان ما استعاد داعش قوته وتمكن من شن عمليات نوعية انتهت بسيطرته على الموصل وأجزاء أخرى من العراق وسوريا”.
يقول أبو هنية إنه “في تلك الفترة أعلنت الحكومة العراقية انتفاء الحاجة للقوات الأمريكية، لكن ما حصل بعدها أثبت عدم صحة ذلك”.
ويتابع أبو هنية أن “وضع داعش اليوم أفضل مما كان عليه في عام 2011، وبالتالي فإن أي انسحاب للقوات الأمريكية يعني عودة سريعة لداعش.. وستكون هذه المرة أسرع من العودة الأولى” حسب قوله.