الجمعة, سبتمبر 20, 2024
الرئيسيةكتاباتزواج القاصرات ..الأسباب والمسببات

زواج القاصرات ..الأسباب والمسببات

الكاتبة :رشا فوزي

انتشار ظاهرة زواج القاصرات والفتيات الصغيرات في السنّ من رجال اكبر منهن عمرا بشكل كبير ورغم أن الظاهرة هذه ممتدة الجذور داخل المجتمع إلا أن الملفت هو نزوع الفتيات بأنفسهن إلى الزواج من أولئك الرجال والسبب الرئيس هو أن الرجل غني ويستطيع أن يوفر لها ما لا يستطيع أن يوفره الشاب المقارب لها في الثقافة والمسؤولية والعمر.
وهناك الكثير من الأسباب أدت إلى انتشار هذه الظاهرة منها غياب الأرقام حيث لايوجد أرقام دقيقة عن عدد المتزوجات القاصرات وتتذرع الجهات المعنية بأن أغلب حالات الزواج تجري في مكاتب رجال الدين بعيداً عن المحاكم تجولنا في شوارع العاصمة بغداد لأخذ آراء وأفكار المجتمع حول هذه الظاهرة حيث التقينا بالمواطنه (نغم) حيث قالت أنا نموذجاً حيا لتنامي هذه الظاهرة ففي أوج دوامة العنف الدامية التي عصفت بالبلاد عام 2006 فقدت والدي وشقيقي أثناء إنفجار سيارة مفخخة ووجدت نفسي وحيدة مع والدتي من غير معيل في بلد يقطع اوصاله العنف تدهورت أوضاعنا المادية لذلك ارغمتني أمي على الزواج من رجل متزوج ويكبرني ب20 عاماً ولم أكن حينها أبلغ سوى ال14 من العمر بسبب التفاوت العمري بيني وبينه لم أكن افهمه في أغلب قضايا حياتنا الزوجية في الواقع لم أكن أعرف ماهو الزواج أو حقوقي أو واجباتي الزوجية وأضافت انها تعرضت لعنف جسدي ونفسي ومعاملة قاسية من قبل زوجها طوال فترة زواجها التي لم تدم أكثر من ثلاثة أعوام وفي النهاية تقول ارفض فكرة زواج البنت بعمر مبكر خصوصاً إذا كان من يتقدم لزواجها متزوجا من امرأة أخرى.المحاكم وعادة ما تجري في مناطق ريفية فقيرة أو ذات طابع عشائري وأيضاً هذه الظاهرة أخذت بالتنامي في المدن بسبب تغير البنية الإجتماعية وسيطرة الأعراف والتقاليد العشائرية أما الناشط الحقوقي يضيف قائلاً إن المشروع العراقي أولى اهتماماً كبيراً لقضية زواج القاصرات فاشترط إبرام عقد الزواج في المحكمة من أجل ضمان حقوق كلا الزوجين داعياً في الوقت ذاته إلى عدم إبرام عقد الزواج عند رجال الدين وبعيداً عن أعين القانون للحفاظ على حقوق الزوجة وخاصةً القاصر ويضيف أيضاً أن نظرة المشروع العراقي في هذا الموضوع جاءت من خلال نص المادة 9 من قانون الأحوال الشخصية 88 لسنه 1959 وتنص هذه المادة على معاقبة من يكره شخصاً ذكرا كان أم أنثى على الزواج من دون رضاه او منعه من الزواج بالحبس لمدة لاتزيد عن ثلاث سنوات أو بالغرامة اذا كان المكره أو المعارض اقارب من الدرجة الاولى اما اذا كان المعارض او المكره من غير الدرجة الأولى فتكون العقوبة السجن لمدة لاتزيد عن عشر سنوات بإعتبار عقد الزواج وقع بالإكراه لكن يبدو ان هذه المادة القانونية كتبت لتحاكي مجتمعا آخر إذ لم تتمكن بالرغم من تشريعها في وقت مبكر من نشوء الدولة العراقية من الحد من تحديد مصير القاصرات. ومع أن الكثير من الأسر في المجتمع العراقي تفضل أن تكمل بناتهم دراستهن الجامعية قبل التفكير بالزواج إلا أن الشرائح التي طحنها الفقر بسبب فقدان معيلها في الحروب تجد في تربية البنات عبئاً ثقيلا فيكون الزواج هو الحل الأمثل المتاح أمامها.

وتسهم أواصر القربى والنمط العشائري في تشجيع زواج القاصرات، وغالباً ما يتم إرغام الفتاة على ترك مدرستها بعد إكمالها المرحلة الابتدائية، ففي مجتمع محافظ كالعراق يصعب تغيير أنماط التفكير بسهولة.

ولا ترى الحاجة ام علاء (65 عاماً) ضررا في الزواج المبكر ما دام شرعياً وفيه منفعة للفتاة والفتى وتقول “تزوجت وأنا في الحادية عشرة وكنت ألعب بلعبتي حين اخبروني بوجوب الذهاب مع الرجل الواقف عند الباب حينها خفت وهرعت إلى الاحتماء داخل الخزانة ولكن أمي أجلستني وحدثتني عن الزواج وفوائده فتزوجت وانجبت الأولاد والبنات واصبحت جدة، هكذا كنا نتزوج في الماضي”.
وصورة الزواج عند أم علاء تختلف كلياً عن صورته لدى فتيات القرن الحادي والعشرين، لكنها لا تجد ضيراً في تطبيق القوانين الاجتماعية التي كانت تسود قبل عقود على فتيات العصر الحالي.
ومع عجز الجهات المختصة عن الحد من استغلال الفتيات القاصرات ترى الناشطة في حقوق الإنسان صفاء التميمي إن الفتاة الصغيرة هي الضحية، إذ غالباً ما ينتهي مصيرها إلى الطلاق وإصابتها بأمراض نفسية.
ولا يتوقف الضرر على الجانب النفسي لدى الفتيات حسب التميمي “فالأضرار الصحية تكون خطيرة بسبب عدم اكتمال النضج الجسدي الذي يساعد على القيام بالعملية الجنسية السليمة بين الزوجين، وهناك الكثيرات يصبن بالنزيف أوالإجهاض وينجم عن ذلك مضاعفات صحية وتشوهات خطيرة”.

تقول التميمي “تابعت حالة إحدى القاصرات التي انفصلت عن زوجها الذي يكبرها سناً بعد أن دفعت له مبلغاً كبيراً من المال، حيث رأيتها وهي تتأمل جسدها بعد أن تشوه تشويها بالغاً بفعل الحمل في مراحل الطفولة، لقد كانت صورة مؤلمة لطفلة لم تبلغ سن النضج بعد”.
ومع عدم وجود قوانين رادعة لمن يقوم بإكراه الفتاة القاصر على الزواج فإن حماية الصغيرات من انتهاك طفولتهن في بيئة تراجع فيها المستوى التربوي والتعليمي كثيراً في العقدين الماضيين ليست بالأمر السهل دون تشريع قوانين خاصة تمنع تزويج القاصرات

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

الأكثر شهرة

احدث التعليقات