يتوجه البريطانيون، الأسبوع المقبل، إلى مراكز الاقتراع في انتخابات تشريعية، يرجح أن يحقق حزب العمال فيها فوزاً كاسحاً، واضعين حداً لحكم المحافظين المستمر منذ 14 عاماً والذي شهد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست”، وتقلبات اقتصادية وفضائح سياسية.
ويتقدم العمال حوالى عشرين نقطة منذ أشهر في استطلاعات الرأي، ما يبدد الترقب بالنسبة لنتيجة انتخابات 4 يوليو، بعد حملة باهتة تمحورت حول الاقتصاد والصحة الهجرة.
واتهم كير ستارمر المحامي السابق والرئيس السابق للنيابة العامة البالغ من العمر 61 عاماً، والمنحدر من أصول متواضعة، رئيس الوزراء ريشي سوناك، المصرفي السابق البالغ من العمر 44 عاماً، والذي يقال عنه إنه أكثر ثراء من الملك تشارلز الثالث، بأنه “منفصل” عن الناخبين، بينما وعد زعيم حزب العمال، بإصلاح الاقتصاد الذي يعاني من الركود وتعثر الخدمات العامة وتردي البنى التحتية في بريطانيا.
واستخدم رئيس الوزراء البريطاني، المناظرة التلفزيونية، التي عقدت، مساء الأربعاء، لمهاجمة منافسه الذي يتصدر استطلاعات الرأي، فيما يتعلق ملف الضرائب.
وفيما كان من المفترض أن يكون الفرصة الأخيرة لسوناك، لمحاولة منع فوز ساحق لحزب العمال في الرابع من يوليو، أظهر استطلاع سريع أن الزعيمين متعادلان في المناظرة الشائكة. وهو ما يعد في مصلحة ستارمر، الذي يتمثل هدفه حتى يوم الانتخابات، في تجنب أي خطأ أو هفوة، حسبما اعتبرت “بلومبرغ“.
وجاءت هذه “المنافسة” في ظل فضيحة مراهنات هيمنت على الأسبوعين الأخيرين من الحملة، بعد اتهام المرشحين والمسؤولين المحافظين بالمراهنة على موعد الانتخابات قبل أن يعلنه سوناك. وأظهرت استطلاعات الرأي أن الكشف عن هذه المعلومات قد أثر بشكل كبير على الجمهور، ويبدو أنها قتلت أي آمال متبقية في تعافي حزب المحافظين.
وبعد وصوله إلى قيادة حزب العمال، قبل أربع سنوات إثر هزيمة الحزب الانتخابية بقيادة اليساري جيريمي كوربن، عمل ستارمر على إعادة تركيز الحزب في الوسط وعلى تطهيره من “معاداة السامية” التي اتُّهم سلفه بالسماح بانتشارها.
ويتسم ستارمر بالجدية والصرامة ولا يثير الحماسة التي بثّها الزعيم العمالي توني بلير في انتخابات عام 1997، وهو يعد بـ”التغيير” بعد “الفوضى والانقسام” اللذين يتهم المحافظين ببثهما منذ تسلمهم السلطة في عام 2010، مع تعاقب خمسة رؤساء للحكومة على السلطة.
ووعد ستارمر، الذي أوقف أيضاً مرشحاً من حزب العمال، كان قد راهن على خسارته، بإعادة ضبط السياسة واستعادة الحس بالمسؤولية في المناصب العليا.
وقال ستارمر: “في مثل هذه القضايا، يجب أن تقود من المقدمة. أعتقد أنه في السنوات الـ 14 الماضية أصبحت السياسة تدور حول الاستحقاق الذاتي، والتفكير في ما يمكن أن يحصل عليه النواب لأنفسهم”.
وكانت تلك إشارة إلى سجل المحافظين في الحكومة، ويعتمد تقدم حزب العمال في استطلاعات الرأي على الاستفادة من رغبة الناخبين في التغيير.
واستشهد ستارمر بالأحزاب التي خرقت القواعد في “داونينج ستريت” (مقر الحكومة) أثناء وباء فيروس كورونا، عندما كان بوريس جونسون رئيساً للوزراء، ورئاسة ليز ترس التي استمرت 49 يوماً والتي هزت الأسواق المالية.
وبدا حزب العمال أكثر استعداداً لمواجهة سوناك مقارنة بالمناظرة التلفزيونية الأولى في بداية الحملة، عندما شعر حتى المقربون منه بالإحباط، لأنه استغرق وقتاً طويلاً لدحض خطط سوناك بشأن الضرائب.
وبعد أن قاطع رئيس الوزراء زعيم حزب العمال، في مناظرة الأربعاء، رد ستارمر وقال: “إذا استمعت إلى المزيد من الجمهور وفي جميع أنحاء البلاد بشكل متكرر، فقد لا تكون بعيداً عن الواقع”.
ولكن مع بقاء أسبوع لإنقاذ منصبه، كان سوناك عدوانياً أيضاً. وحث الناس مراراً وتكراراً على عدم “الاستسلام” لحزب العمال بشأن الضرائب والحدود، فيما بدا وكأنه أمر مخطط لاستعادة الناخبين المحافظين الذين تظهر استطلاعات الرأي أنهم يهجرون الحزب.
ومع تواصل الحملة، تحولت رسائل حزب المحافظين، إلى تحذيرات بشأن ما قد يفعله حزب العمال إذا ما حصل على أغلبية كبيرة.
وقوبل سوناك بتصفيق من بعض الحاضرين عندما “أخضع” ستارمر لاستجواب مستمر بشأن ما قد تفعله حكومة حزب العمال لمعالجة مشكلة القوارب الصغيرة التي تحمل طالبي اللجوء عبر القناة الإنجليزية.
ومع ذلك، فإن هذه قضية لا يجد رئيس الوزراء نفسه في موقف جيد بشأنها، حيث سجلت عمليات العبور أرقاماً قياسية خلال العام الجاري.
وحقق حزب “الإصلاح” اليميني بقيادة نايجل فاراج، مكاسب في استطلاعات الرأي، وابتعد بالأصوات عن المحافظين.
واجه زعيما العمال والمحافظين، انتقادات من أحد الحاضرين، في المناظرة الأخيرة، إذ قال إن مستوى “اللامبالاة” لدى الناخبين كان عالياً، وأن البريطانيين غير متحمسين لأي من الزعيمين المتنافسين. ورد ستارمر بأنه “لم يفاجأ” بالسؤال كون البلاد في الحالة التي هي عليها الآن.
ويتقدم حزب العمال على المحافظين بفارق 21 نقطة، وفقاً لنتائج استطلاعات “بلومبرغ”. وسيكون ذلك كافياً لمنحهم فوزاً ساحقاً إذا تكرر في يوم الاقتراع.
ووضع استطلاع أجرته WeThink لصالح مجلة “الإيكونوميست”، حزب العمال على المسار الصحيح للفوز بأكبر أغلبية برلمانية مسجلة منذ 1919، مما منح الحزب 465 مقعداً مقارنة بـ 76 مقعداً للمحافظين.
وتشير تقييمات الاستطلاعات الشخصية أيضاً إلى أن ستارمر هو الأكثر شعبية بين الاثنين، وأن الفجوة كانت تتسع خلال الحملة الانتخابية. “